اسطنبوليَّات, تدوينات.

مذكرات : افكارٌ تدورُ في رواق المشفى .

image

في غزة ، لا اذكر اني ذهبت يوما للمشفى وحدي ، كل مرة كانت ترافقني أمي -وقلما يرافقني ابي كون عمله يتعارض مع اوقات المشفى – مهما كان العرَضُ بسيطاً. 

كان مشوار الذهاب متعبا ، لكني كنت اعتبره يوما مميزا فعلاً ، تستيقظ من الصباح الباكر ، تذهب برفقة امك الى المستشفى – عيادة الوكالة غالباً – ، يسألك الطبيب ماذا بك ، فتنظر لأمك ، كي تشرح عنك ، هي أعلم الناس بك ، اليس كذلك !

تنتهي من المعاينة ، وتذهب برفقتها للصيدلية ، و في طريق المستشفى تبتاع لك لعبة -حين كنت صغيراً- ، وحين كبرت قليلاً ،تبتاع لي الكعك و في طريقنا نذهب لمحل الفلافل والحمص ، او تشتري لنا بوظة ، او وردةً حتى ، غالباً كنا نعود بالغنائم مهما كان الحال يومها .

اما اليوم ، هه اذهب للمشفى وحدي ، لا رفيق ولا رفيقة ، ساعة ذهابا واخرى ايابا لتذهب للمشفى ، ومن ثم تمر بممرات المشفى ، نفس الأجواء هنا وهناك ، كلٌ أتى و أمّه أو برفقة احد ما ، و باعة الكعك والورد والالعاب يصطفون في ممرات المشفى ،حينها لا رغبة لك بالشراء، كذلك امي ليست هنا لتبتاعها لي .

تجلس في صالة الانتظار ، تلتقط بعض الكلمات و تفهم ما يدور حولك و عن ماذا يتحدثون ، كلٌ يشكو همّه ، وكاني اخمن ان المشافي خلقت لتحوي الهموم كلها. الهموم هنا وهناك ثقيلة ، و غالبا هنا تكون همومهم اكثر رفاهية .

تدخل للطبيب ، وتشرح له ما بك بلغة تركية او انجليزية ركيكة  ، وان منّ الله عليك وكان عربيًا فهذه نعمة عظيمة ، أيضاً أمُك ليست بجانبك لتشرح للطبيب عنك.

تكتفي بطمأنة اهلك كلّ مرةٍ انك بخير وانه لا داعي لتكرار السؤال ، ثم انه حين كنت اود الذهاب للمشفى اتغيب عن دروسي  ، و اليوم أذهب وحدي بعد انتهاء الدوام و لا اغيب عن دروسي ، الحمد لله على كل شيء.

عُبيدة
اسطنبول

7 رأي حول “مذكرات : افكارٌ تدورُ في رواق المشفى .”

  1. كأني أتخيل اروقة المستشفى طوووويلة باااردة خاالية من كل شيء ، انها بلا روح !
    لا شيء جيد بدون وجود أمي ، لا شيء عادي بغيابها !

  2. حفظ الله لك أمك الرائعة 🙂
    مدونتك أعجبتني لك تدوينات مشابهة لعمر عاصي أقصد في طريقة السرد والكتابة ولكن مع بعض التميز .. اذا لم تكن تعرف عمر عاصي أنصحك بالبحث عنه والقراءة له سيفيدك .
    اقترح أن تكون لك صفحة خاصة على الفيس بوك تنشر بها تدويناتك .. حقيقة تستحق القراءة (Y)

    1. واو ، شكرا شكرا فداء ، بالمناسبة اتابع عمر من حوالي ثلاث سنوات او اكثر ، وشيء جميل ان يشبهني احد به ! عظيم هذا الرجل .
      انشر التدوينات على حسابي الخاص ، ما زال مبكرا كي افتح صفحة خاصة بها 🙂 🙂
      شكرا مرة اخرى فداء .

      1. عفوًا 🙂 🙂 كما كنت أتوقع ، بالنسبة لي أعتبرعمر قمة في الثقافة والفكر وله دوره في تحفيزي على الكتابة وارتجال النصوص .
        وبالمناسبة أنا من المتابعين لك وبصمت على الفيس بوك 😀
        لهذا اقترحت عليك عمل صفحة .
        أخي عبيدة أتوقع لك مستقبل زاهر وواعد وفقك الله 🙂

      2. شكراً، بالمناسبة بعد المقالة هذه باربع شهور قابلت عمر عاصي :)) ، تذكرتك البارحة و قلت ان اخبرك، اتمنى ان تصلك الرسالة، نتمنى ان نكون عند حسن ظنكم :))

أضف تعليق