اسطنبوليَّات, تدوينات.

سفر: اسكودار، الدار القديمة!

image

هب أنّكَ ذاهبٌ من الطرف الاوروبي الى آسيا بسفينةٍ تعبر مضيق البسفور، لتحط قدمك في محطة السفن، ستباشرك حينها اطلالة لمسجد جميل، يسمى مسجد مِهْرِمَة سلطان، بناه ابوها السلطان اكراماً لابنته، حقيقةً هذا المسجد الجميل تحفة معمارية من الداخل و الخارج يختص بأمر مميز، في شهر نيسان و مايو حين تنظر مباشرة  لهذا المسجد من ارتفاع عالٍ من برج النار(Çemberlitaş) في منطقة بيازيد مثلاً ، فانك وقت الشروق ترى بين منتصف مئذنتي المسجد تمامًا، ترى اشراقة الشمس.كذلك في مساء اليوم الرابع عشر من كل شهر سترى طلوع القمر بنفس المشهد، الغير عادي في الموضوع ان المعمار سنان حين بنى هذا المسجد بنى مسجداً مماثلاً لهذا المسجد في الشق الاوروبي في منطقة ادرناكابي على نفس استقامة المسجد تماماً، و الذي يُمكّنك من رؤية نفس المشهد من القارة الأخرى!، هل قلت لك قبلاً ان مهرمة Mihr-î Mah تعني الشمس والقمر؟
اذا انتهيت من  تأمل هذا التكامل العجيب الذي أرساه المعمار العظيم سِنان ، فأكمل طريقك ماشيًا و البحر، ستجد في مسيرتك نصبين صغيرين مكونين من عدة ارقام، الاول 1923، والاخر 1453 ، أحدهما يشير الى تاريخ فتح اسطنبول، والثاني لقيام الدولة التركية الحديثة، هذان التاريخان تحديداً لا يختلف اثنان في أن جميع الأتراك يحفظونه كأسمائهم، لا عليك، أكمل سيرك حتى تصل الى كيزكولاسي “برج البنت”، لكن في اثناء سيرك دعنا نستمع سوياً لاغنية تركية شعبية ،
هنا : https://www.youtube.com/watch?v=SymcEAeYGOw
“Üsküdar’a Gider İken “، “و انا ذاهبة الى اسكودار ” التي تحكي هذه الاغنية قصيرة امرأة ذاهبة الى اسكودار تتحدث عن حبيبها “كاتبها” ربما استطيع انا أترجمها بهذا الشكل ( ترجمة حرفية وليست شعرية) :

Üsküdar’a Gider İken Aldı Da Bir Yağmur,
وانا ذاهبة الى اسكودار، هطل المطر
Kâtibimin Setresi Uzun Eteği Çamur.
معطف كاتبي طويل، و اطرافه موحلة بالطين
Kâtip Uykudan Uyanmış Gözleri Mahmur.
الكاتب استيقظ من النوم، عينان ناعستان
Kâtip Benim Ben Kâtibin El Ne Karışır,
انا للكاتب ، الكاتب لي، ما للآخرين؟
Kâtibime Kolalı Da Gömlek Ne Güzel Yaraşır.
كم يبدو كاتبي  جميلاً مع هذا القميص!
Üsküdar’a Gider İken Bir Mendil Buldum,
وانا ذاهبة الى اسكودار، وجدتُ منديلاً
Mendilimin İçine Lokum Doldurdum.
ملأت داخل منديلي بالحلقوم
Kâtibimi Arar İken Yanımda Buldum.
حين ابحث عن كاتبي، اجده جانبي

هذه الاغنية رائعة جداً ولحنها مُذهل ايضاً أنا وقعتُ على كنز فريد، هذه الاغنية مغناة بعدة لغات منها العربية ( غزالة غزالة) وعدة اغاني اخرى  ،و بالاسبانية اليهودية “لادينو”
هنا: https://vimeo.com/42900088  ويظهر ايضاً انتشارها في اغلب دول البلقان و هنغاريا ومقدونيا وبلغاريا وألبانيا و جوارها ، الغريب ايضاً وجدت انها غنيت على شكل “كلازمير”  Klezmer و هو عبارة عن خليط من اللغات التالية : “العربية- السفارديم -العبرية- الفرنسية-الإيطالية-انجليزية”**
هنا:  https://youtu.be/xeZytVePpPc
وايضاً قبل فترة وجيزة كان قد عزف لنا الثلاثي جبران مقطوعة اسكودارا جيداركان في مهرجان الشعر في اسكودار!
هنا: https://www.youtube.com/watch?v=ARWYUZBZK1w

لنعُد للوراء قليلاً، أينَ كنَّا؟ وصلنا جوار قلعة البنت، هذه القلعة التي تعلو صخرة على المياه، هيا لنركب ذلك المركب، ونعتلي سقف البرج؟ هيّا، سأخبرك هناك حكايةً هذه القلعة، يقُال ان ملكًا أتته رؤية انّ ابنته ستموت مسمومةً في عيد ميلادها الثامن عشر، و لانه يحب ابنته كثيراً قرر بناء هذه القلعة ووضعها هناك من اجل حمايتها ومنع الجميع من زيارتها سواه، في عيدها الثامن عشر، كان قد ارسلت لها سلة من الفاكهة، و تسللت افعى بين العنب، ووصلت الافعى للقلعة و قتلت الفتاة بالسم، وماتت بين يدي ابيها! و هناك روايات اخرى، وقصص حب ضمت جدران هذه القلعة، لا زال المحبون حتى هذا اليوم يذهبون هناك، لينقشوا قصة حبهم في اروقة القلعة! يمكننا أن نجلس على رصيف الشاطئ، لنرى مشهداً بانورامياً جميلاً يضم ستة معالم ( غلطة سراي، مسجد السليمانية، المسجد الجديد، وقصر الباب العالي، و مسجد السلطان احمد و ينتهي بمتحف آية صوفيا) بنظرة واحدة! ، هيّا نكمل طريقنا صعوداً حتى نصل تبة تشامليجا، اعلى نقطة في اسطنبول، لتشاهد صورة بانورامية جميلة لاسطنبول، و لجسر البسفور ، لكن هذه المرة من الأعلى ، تسمى ايضاً تبة العرائس، يأتي في يومين من كل اسبوع العروس و عروسه لهذه التبة ليلتقطوا الصور، و يقيمون مراسماً احتفالية رائعة!

اسكوادر، هذه الحي الجميل، الذي تسكنه ارواحٌ جميلة، بأغلبية متدينة، كان يسمى في الماضي اسكي دار، والتي تعنى “الدار القديمة”، والتي فعلاً لا تزال حتى اليوم تشعر انها دارٌ قديمة، لا زالت تمتلك روح البيت القديم، الذي يجمع العائلة!، ويحوي الحضارة والقدم في آن واحد ، اسكودار كانت في ما مضى مدينة منفصلةً ، لا تتبع لاسطنبول القديمة! ايه! اسكودار، هذا الحيّ الذي لا يزال جميلاً، ويغمرك بجماله ، كل مرة تزوره كانه اول مرة، لا يُمل! لا يمل! و عني أنا : لو لم أكن بيشكتاشياً لكُنت اسكودارياً!

** الكلزمير: موسيقى المزمار ويقصد بها الموسيقى الدينية، يعتبر يهود الاشكناز أن الكلزمير فنهم الأصيل و هناك خلاف أن موسيقى الكلزمير ذوق أوروبي وليست خصوصية يهودية حيث أن، “الكلزمير انه ليس إلا موسيقي الشارع الأوروبي منذ القرن السادس عشر أو بمعني أصح موسيقي الغجر وموطنها الأصلي أقليم البلقان وأوروبا الشرقية”.

 

 

image
مسجد مهرمة سلطان وقت الغروب.

 

image

المشهد من تلة العرائس نهاراً

 

image
شهد من تلة تشامليجا ( تبة العرائس) ليلاً.

 

image
كيزكولاسي، قلعة البنت

 

image
مسجد مهرمة سلطان

 

image

image

اسطنبول ، ٣ أيار ٢٠١٥
عُبيدة

اسطنبوليَّات, تدوينات.

الواو!

كنتُ ذات يومٍ في مكانٍ اسطنبولي يبتاع منه السيّاح التذكارات، لفتتني تذكارات صوفية كثيرة، من رقصة المولوي، حتى تمثال الدرويش، وصولاً الى اسوارة يدٍ وعقدٍ يحملُ حرف الواو، كان غريباً بعض الشيء، سألت البائعة منادياً إياها بنداءٍ محبب: « أبلاجيم – وتعني اختي الكبرى العزيزة- لحظة من فضلك »، هي بدورها ضحكت كثيراً، وقالت: « أنت أول شخص يناديني أبلة، كلهم ينادوني يا خالة» ، تجاوزنا الحديث بضحكات كثيرة، انهيتها متسائلاً: « ماذا يعني حرف الواو؟، يظهر كثيراً في التذكارات هنا » ، قالت لي: « هذا “ڤاڤ هرفي” بلكنة اسطنبولية تحرف العربية عن سياقها وجمالها الموسيقي، له معانٍ كثيرة، يقولون: هو يرمز الى بداية الخلق، و يرمز إلى الجنين في رحم أمه، و إلى شكل الانسان وهو ساجد، يقولون هو رمز البداية، ويحمل معنى “انا لجأتُ اليك، انا أثقُ بك” ».

ربما كان اول ظهور لحرف الواو في العمارة العثمانية كانت في مسجد الأُولو في بورصة، استخدام مبهر لحرف الواو في معمار المسجد الذي يحمل كثيراً من المعاني مشيراً اليها متجاوزاً جهل الأتراك بلغتهم العثمانية، في حين تتداول روايةُ بين الناس أن الخضر عليه السلام كان يأتي يصلي أمام الواو في هذا المسجد، تظل مجرد رواية، ظلَّ معناه عالقاً يعتمر رأسي، حتى وجدتُ أحدهم يوماً يقول في طوق الحمامة المفقود: «الواو يا حسن, هو الحرف الوحيد المتضمن لمعناه, فريد ومتعدد علي صورة المصور, حرفٌ مسافر».

كبير الخطاطين في الدولة العثمانية حافظ عثمان، ذات يوم عاصف كان يريد الذهاب من أُسكودار حتى بيشكتاش بالسفينة كما المعتاد، في منتصف الطريق وجدَ أنه لم يكن يحمل نقوداً، أدرك ذلك متأخراً، أتت لعقله فكرة سريعة، قال للملَّاح: « لا أحمل نقوداً بقربي، ولكن دعني أكتب لك حرف الواو، خذه و بِعهُ وليكن أجرتك»، وفي طريق البحر من الأناضول كتبها له بخطه المبهر، أخذ الملَّاح المخطوطة وهو يلوي رأسه غير مقتنعاً، فيما بعد كان قد مر الملاح بجانب سوق للخطاطين فباع مخطوطته في مزادٍ بسعر يزيد عن أجرته الاسبوعية، بعدها بزمنٍ التقى بحافظ عثمان مرةً أخرى، وقال له : « ماذا لو أقلتك كل يومٍ، ورسمتَ لي واوًا في الطريق؟»، رد حافظ الذي يدرك قيمة ما يَخُطّ مبتسماً : « يا أفندي، هذه ” الواو” لا تُكْتَبُ في كل حين»، «ولكن ادعُ أن أنسى نقودي مرةً اخرى في البيت! ».

مرةً مرّ بي تعبيرٌ صوفيٌ جميلٌ يقول: « الانسان يولد في شكل “الواو”، حين يُقَوِّمُ نفسه يظن أنه “ألف”، يعيش منحنياً طيلة الحياة ، في حين أن اليوم الذي يكون فيه اكثر استقامةُ ، يموت! ».


عدة مخطوطات لحرف الواو.

Snapchat--2419059442014959107

جدارية على حائط كلية الفنون في جامعتنا.

1527238495_3ecf947f3c-1

مسجد ulu في مدينة بورصة.

osman_z_ayVAV Vav_harfinin_hikmeti (1)

عبيدة زين الدين

اسطنبول . 1/3/2015

اسطنبوليَّات, تدوينات.

عشر ايام في الحياة الاكاديمية .

عشر ايام في الحياة الاكاديمية .

image

قبل عشرة ايام ، بدأت رحلتنا الجامعية الاولى بعد انتهائنا من تحضير اللغة التركية ، واللغة الانجليزية ، بدأنا الدوام الجامعي بالحماس المعتاد لاي تجربة ستمر بها ، الحماس كان مشوبا بالخوف والقلق .

تذهب الى الجامعة ، في رحلة تستغرق ستين دقيقة ، و ثلاث مواصلات ، في الطريق تستمع للموسيقى ، تقرا الكتب احيانا ،  واحيانا تشاهد بعض مقاطع فيديو TED الرائعة ، تصل الكلية ، تذهب الى قاعات الدراسة ، و يلقي عليك الدكتور التعليمات الروتينية ، و اسماء الكتب ، و مواعيد الامتحانات ، موقعه الشخصي ، و ينهي حديثه بانه يسمح لك بغياب ٣٠٪ من المحاضرات ، في نهاية المحاضرة ، تهرع الى الدكتور قائلا له : انا اجنبي ، ولا اعرف الكثير في التركية ، هل توجد مراجع انجليزية ، او اي حل آخر؟ ، يجيبك بالنفي وانه عليك ان تتدبر أمرك وتفهم بأي طريقة كانت ، ينتهي الاسبوع الاول على هذا الموال ، ويبدا الاسبوع الاخر ، يبدأ كل محاضر يدلي بدلوه ، مصطلحات جديدة ، رموز جديدة ، لغة رسمية لا تفهم اغلبها ، تتوه في دوّامات عديدة كلّ محاضرة ، تقارن بين ما تستطيع فهمه الان و ما درسته بالثانوية ، تلتقط فكرة او فكرتين ، وتذهب بقية الافكار ادراج الرياح ، تسجل المحاضرات ، تكتب الصفحات تلو الصفحات ، تتجاوز كثيرا من الكلمات التي لا تفهمها ، حتى تنتهي المحاضرة بأقل الاضرار .
تتعرف على اصدقاء عرب ، اغلبهم سوريون ، يشاركونك التخصص و المتطلبات و هموم اللغة  ، تجمعنا اللغة و تفرقنا اللهجة ، يقيم العرب في جامعتنا ملتقىً علمياً لتبادل المنفعة العلمية و العملية ، ذهبنا سوياً في رحلة الى متحف العلوم والتكنولوجيا في الاسلام ، وتعرفنا سوياً على جزء من حضارتنا العلمية المغيبة .
بعد أيام ، تعود الى الروتين اليومي ،  تستيقظ مبكرا منذ الخامسة ،  تذهب للجامعة حتى تبدا محاضراتك في التاسعة وتنتهي عند الخامسة ، تتخللها استراحات ، تقضيها في تناول وجبة الغداء في مطعم الجامعة ، او في المقاهي المتعددة داخلها ، تجلس مع الاصدقاء في المساحات الخضراء ،تستمع للفرق الموسيقية التي تعزف الحانها في وسط الجامعة ، او تشاهد بعض الطلاب يحاولون تسلق برجاً صغيراً يتبع لنادي التسلق في الجامعة ، على ذكر النوادي ، تضم الجامعة كثيراً من النوادي المتنوعة لكل ما يخطر على بالك ، من اصدقاء البيئة ، حتى مشجعين رسوم الكرتون والانيمي …

تنتهي محاضراتك في حدود الساعة الخامسة ، تذهب بعدها للمكتبة ، مثلك مثل كثير من الطلاب ، تعتبر المكتبة بيتك الثاني ، المكتبة التي تعمل طيلة ايام الاسبوع طيلة اربع وعشرين ساعة ، تخرج كتبك و مراجعك ، وقاموسك ، وتبدا تترجم بلا جدوى ما تراكم عليك من محاضرات ومسودات وملخصات ، تدرس ، وتراجع ما تعلمته في الثانوية ، تعود لكتب الثاني ثانوي و توجيهي ، وبعض المراجع الانجليزية حتى تفهم هذه الكتب ، يوشك الليل على الهبوط ، تعود قرب الساعة التاسعة للسكن الجامعي ، تنجز بعض المهام ، تأكل طعام العشاء ، تكون اقتربت الساعة للعاشرة و الحادية عشر ، تغط في نوم عميق حتى صباح اليوم التالي ..

كتبها بشغف :
عبيدة زين الدين
طالب هندسة الالكترونيات والاتصالات بجامعة يلدز التقنية .
اسطنبول

اسطنبوليَّات, تدوينات.

رمضاناً مختلفاً.

image

منذ فترة طويلة وانا ابحث عن شيء يستحق التدوين ولم اجد شيئاً كما اول يوم في رمضان ، تستيقظ الساعة الثانية ليلاً لتجهز سحورك ، تتلاقى انت والاصدقاء في ساحة السكن ، تعدون السحور ، هذا يحضر الجبنة و ذلك يحضر الزعتر و الدقة و اشياء اخرى من رائحة البلاد ، نمسك عن الطعام على عجل ، و ننتظر بين الامساك ساعة كاملة لصلاة الفجر ، ننام بعدها ، نمضي نهارنا المعتاد ، قبيل صلاة العصر ، نذهب لنتسوق ونحضر اغراض السحور القادم ، بعد ذلك نتجهز و الاصدقاء للذهاب لمسجد السلطان احمد ، ثم التقينا هناك بعدة اصدقاء من جنسيات مختلفة ، تجد ساحة ما خارج المسجد ملتقىً لكل الاتراك ، والاجانب ، ياتون بعائلاتهم الى هنا ، يمضون فطورهم الاول ، و تذوب الطبقية المجتمعية ، و البلديات تقيم موائد الافطار المجانية ، تلتقي العائلات بمشهد جميل للغاية ، تقام هناك العروض الصوفية ، وتغنى اغانٍ صوفية جميلة ، في حب الاله وحب رسوله ، يأتي بعد ذلك رئيس وزرائهم اردوغان ، يلقي كلمة لطيفة ثم يدعو للمظلومين في دول العالم ، ويبارك لهم افطارهم و رمضانهم ، لشدة ازدحام المكان ، تذهب واصدقاؤك الى مطعمٍ يمني ، وفي طريقنا بالترامڤاي يؤذن المغرب بعد صيام ١٨ ساعة ، زميلة ايرانية كانت قد احضرت تمرا ايرانيا معها ، نفطر كلنا سويا على التمر ، و يوزع صديقنا التمر على بقية الركاب في مشهد جميلٍ للغاية ، ثم وصلنا المطعم المراد ، واكلنا ” المندي اليمني ” ، صلينا المغرب سوياً ، حتى الزميلات غير المحجبات جاؤوا معنا ، و لبسوا زي الصلاة ، و صلينا سوياً ، ذهبنا بعدها لتناول الشاي و قليل من الحديث ، ثم ولينا مسرعين لنصلي التراويح ، ذهبنا سويا لمسجد السليمانية ، و صلينا هناك من صلاتهم ما شاء الله لنا ، صلاتهم قصيرة خفيفة ، آية أو اثنتين في الركعة ، وبين كل ركعتين يصدح المصلون بالصلاة على النبي في مشهد مهيب ، ننهي الصلاة بعد منتصف الليل بقليل ،  تسارع للعودة للبيت مرةً أخرى قبل أن تنتهي مواعيد المواصلات العامة ، ترتاح قليلاً ، و تذهب لتحضر السحور مرة اخرى ! ، بحق كان يوماً مختلفاً ، سيكون رمضاناً مختلفاً.

يكتبها ، عبيدة.
اوائل رمضان ٢٠١٤.

اسطنبوليَّات, تدوينات.

مذكرات : افكارٌ تدورُ في رواق المشفى .

image

في غزة ، لا اذكر اني ذهبت يوما للمشفى وحدي ، كل مرة كانت ترافقني أمي -وقلما يرافقني ابي كون عمله يتعارض مع اوقات المشفى – مهما كان العرَضُ بسيطاً. 

كان مشوار الذهاب متعبا ، لكني كنت اعتبره يوما مميزا فعلاً ، تستيقظ من الصباح الباكر ، تذهب برفقة امك الى المستشفى – عيادة الوكالة غالباً – ، يسألك الطبيب ماذا بك ، فتنظر لأمك ، كي تشرح عنك ، هي أعلم الناس بك ، اليس كذلك !

تنتهي من المعاينة ، وتذهب برفقتها للصيدلية ، و في طريق المستشفى تبتاع لك لعبة -حين كنت صغيراً- ، وحين كبرت قليلاً ،تبتاع لي الكعك و في طريقنا نذهب لمحل الفلافل والحمص ، او تشتري لنا بوظة ، او وردةً حتى ، غالباً كنا نعود بالغنائم مهما كان الحال يومها .

اما اليوم ، هه اذهب للمشفى وحدي ، لا رفيق ولا رفيقة ، ساعة ذهابا واخرى ايابا لتذهب للمشفى ، ومن ثم تمر بممرات المشفى ، نفس الأجواء هنا وهناك ، كلٌ أتى و أمّه أو برفقة احد ما ، و باعة الكعك والورد والالعاب يصطفون في ممرات المشفى ،حينها لا رغبة لك بالشراء، كذلك امي ليست هنا لتبتاعها لي .

تجلس في صالة الانتظار ، تلتقط بعض الكلمات و تفهم ما يدور حولك و عن ماذا يتحدثون ، كلٌ يشكو همّه ، وكاني اخمن ان المشافي خلقت لتحوي الهموم كلها. الهموم هنا وهناك ثقيلة ، و غالبا هنا تكون همومهم اكثر رفاهية .

تدخل للطبيب ، وتشرح له ما بك بلغة تركية او انجليزية ركيكة  ، وان منّ الله عليك وكان عربيًا فهذه نعمة عظيمة ، أيضاً أمُك ليست بجانبك لتشرح للطبيب عنك.

تكتفي بطمأنة اهلك كلّ مرةٍ انك بخير وانه لا داعي لتكرار السؤال ، ثم انه حين كنت اود الذهاب للمشفى اتغيب عن دروسي  ، و اليوم أذهب وحدي بعد انتهاء الدوام و لا اغيب عن دروسي ، الحمد لله على كل شيء.

عُبيدة
اسطنبول

اسطنبوليَّات, تدوينات.

İstanbul’da 10 Gün

image

Altı ay önce Türkiye’ye geldim , havalimanı’da kuzenim’i buluştum , ona sarıldım . Ben çok mutlu oldum . çünkü zor bir yolculuk başladı sonra Türkiye’de bitti .
İlk gün ünversite’ye gittm kayıt olmak için .
Başlangıçta Türkiye’de hiç şeyi bilmiyordum , çünkü ben yeni gelmiştim
Davutpaşa kampüsüne gittim . metrobüs kullanyordum , akbil kartı almadım çünkü onu bilmiyordum ,orada  güvenlikle konuştum , ona ” ingilizce biliyor musun ” sordum ,
bana ‘ yok , bilmiyorum ‘ cevabını verdi . ben türkçe bilmiyordum ve o da ingilizce bilmiyordu ! Yani onunla nasıl konuşabilirdim . daha sonra  ben metrobüse geçtim çünkü hiç anlamıyordu !
Ünversite nerede ! Bilmiyordum , bir istasyon’a gittim , onun adını bilmiyordum !
Güvenliğe ” Yıldız teknik üniversitesi nerede ?” , bana ” bilmiyorum” dedi , herkese sordum ama hiç biri bana cevap vermedi !
Sonra taksi’yi durdurdum , ona adresi verdim , on beş dakika sonra ytü’e ulaştım ! Bölümüm nerede bilmiyordum , insanlara soruyordum ‘ yarım saat yürüdüm , elektronik ve haberleşme mühendisliği fakültesi’ne ulaştım .
Orada müdür’e  gittim , ona ” nasıl ünversiteye kaydolurum ?” dedim , oradaki müdür ingilizce bilmiyordu !
İki saat sonra iyi bir insan buldum , o ingilizce biliyordu , benimle müdüre geldi , müdürle konuştuk .
Bana “Maalesef burada kayıt yapılmaz , senin beşiktaş’a gitmen lazım , orada kayıt yapılır ”  dedi
Allah Allah , Ama beşiktaşa nasil gidecektim? Ben de bilmiyordum .
Benim arkadaşım üç kağıt yazdı , bana verdi .
Birinci kağıt : otobüste şoföre verecektim .
İkinci kağıt : beşiktaş’ta güvenliğe verecektim .
Üçüncü kağit : müdür’e verecektim , kayıt için .
45 dakika sonra üniversiteye ulaştım . bir sürü insan bana yardım etti ! Bazı insanlar ingilizce biliyordu , bazı insanlar ingilizce bilmiyordu !
Nihayet , müdür ofisini buldum , ama orada müdür yok ! Bana ” Bir saat önce müdür çıktı , yarın erken gel ! ” sekreter dedi .

O zaman , ben çok yorgundum ve üzgündüm .
Yedi saat üniversite’yi araştırdım , ve sonra maalesef orada da müdür yoktu .
Yarın da üniversiteye gittim , müdürle tanıştım , onunla konuştum , o da ingilizce bilmiyordu , Allah allah nasıl yani , o müdür uluslararası öğrenciler için ! Nasil ingilizce bilmiyordu ,
Ben sinir oldum ,
Orada bana ” kayıt tarihi bitti ” dedi !
Ben çok üzüldüm , çünkü türkiye’ye geç geldim !
Az sonra bana ” Hhh şaka yapıyorum ” dedi -.-!!
Ona “Allah allah nasıl yani ! ” dedim !
Sonra onunla konuştum, ve kayıt oldum  !
Sonra yurda döndüm , orada arkadaşlarla tanıştım , iki gün sonra kursa gittim , orada arap arkadaşlarla tanıştım , ve yeni arkadaşlar edindim ,Türkçe kurslar başladi !
:‛) .

اسطنبوليَّات, تدوينات.

اسطنبول وأمورٌ أحببتها !

اسطنبول وأمورٌ أحببتها !

قبل يومين كنت قد اتممت شهري الاول في اسطنبول . كانت أحداثا كثيرة ومتلاحقة .

ادرك تماما ان شهراً واحد ليس بكاف ان اعطي صورة عن بلد ما ايجابا او سلباً ، لكنني سأسرد بعضا مما رأيت .

من الامور التي اعجبتني فيها .. تعدد الثقافات و الصداقات ، حين تكون في فصل واحد وتكون تائها بين جنسيات عديدة الفلسطينية و السورية و السودانية والصومالية والجزائرية و المغربية و الافغانية و الايرانية و الكينية و الاثيوبية و الموريتانية و الصربية والكوسوفية والباكستانية و السيراليونية .

تتعلم عن كل دولة شيئا مميزا .. تحاول تقليد لهجة هذا و ذاك وتجد لسانك تائها في لغات اربعة ولهجات عربية خمسة . في نهاية الأمر توحدنا اللغة الانجليزية D:

تتحدث مع كل شخص عن دولته .. احدهم يخبرك عن فساد حكام بلاده . الثاني يشرح لك وضع الحرب في وطنه . زميلك الصومالي يخبرك انهم يمتلكون مطاراً في بلادهم !

الوجوه والملامح لا تعبر عن طبيعة الاشخاص هناك .. هناك تخدع باعمارهم بدرجاتهم العلمية بكل شيء = ) !

هذا يخبرك انه يتحدث ثلاث لغات و هو قادم ليتعلم اللغة الرابعة .
يخبرك زملائك الافارقة كيف انهم يتعلمون اللغة العربية فقط لقراءة القرآن . حينها تحمد الله الف مرة انك ولدت عربياً مما تجد من صعوبة لغتنا عليهم .. وسهولتها علينا ! .

هذه امور قليلة مما أحببتها و هناك اشياء انتقدتها . سأفرد لها تدوينة خاصة ان شاء الله 🙂

يكتبها لكم ..
عبيدة زين الدين .
اسطنبول .
9-11-2013

اسطنبوليَّات, تدوينات.

في رحاب معهد اللغة !

تمضي بك الايام مسرعة في هذا البلد العجيب ، كل يوم تمضيه يزيدك حماسة كي تسلب اللغة منهم لتصبح ملكك .

بدأت الدراسة في معهد اللغة بعد اسبوعين من بدء زملائي للدراسة بسبب تأخري في الوصول لتركيا وتأخري في اجرائات التسجيل .
تهرع في اليوم الاول لحضورك الدرس مبكراً . تجاهد نفسك صباحا لان تستيقظ مبكرا .. ولا جدوى !
تدخل المحاضرة متأخراً . تعرف عن نفسك للمدرس . و تجلس لتستمع للدروس .
في لحظة غفلة يأتيك المدرس ليسألك سؤالا .. و تجيب عليه ” لا اعرف ” .
فيرد عليك ” لماذا لا تعرف ؟ ” .
تحاول ان تدافع عن نفسك انك طالب جديد و لكن اللغة لا تسعفك . فيرد عليك ” انت تمبل 😀 ” بالمناسبة تمبل كلمة تركية تعني كسول . لكن بالنسبة لنا … 🙂
اللعنة على هذه المواقف التي لا تستطيع ان تبرر فيها او تدافع عن نفسك ..
تجلس ثلاثة ايام في الفصل .. تتعلم اللغة التركية باللغة التركية . لا شيء سوى التركية .
تضيق بك الأرض و تكره اللغة واليوم الذي قررت فيه ان تتتعلم اللغة حتى يأتيك صديق ،يبادر في نقلك الى فصل جديد .
تدخل الفصل الجديد . تجد ان التعلم فيه باللغة الانجليزية . وان الذين يدرسونك يحملون درجة الدكتوراة .

– لا أدري هل هناك احد في بلادنا يحمل هذه الدرجة العلمية ويقبل ان يدرس طلاباً غرباء اللغة من الصفر ! –

ينشرح صدرك مرة اخرى وتبدأ في الانتباه للدروس .
وتعود الى البيت قبيل المغرب بقليل .. لتنهمك في حل واجباتك .. و ممارسة روتينك اليومي !

يكتبها لكم بأمل
عبيدة زين الدين
اسطنبول
2-11-2013

اسطنبوليَّات, تدوينات.

.10 ايام في اسطنبول .

  • .10 ايام في اسطنبول .

    في خضم تسارع  الحياة .. قضيت عشر ايام  في اسطنبول . فترة زمنية غير كافية للحكم على مدينة! 
    تجربة حافلة جميلة تعلمت فيهم ما لم اتعلم في حياتي مثله لا في غزة ولا في غيرها . 
    فمن محاولاتك الجاهدة لاستخراج كل مكنوناتك من الانجليزية و التركية ليفهم من امامك اين تريد الذهاب فقط و تفشل في ذلك . وان عرفت فستصدم بمشكلة التعود على نظام مواصلات لم اعهد شيئا مثله في حياتي . شبكة مواصلات معقدة .

    تدخل الى الباص ، المترو ، المترو بوس .. ولا تدري الى اين يذهب .. تذهب الى سائق الباص لتدفع له نقودا فيضحك ويقول لك ” نو موني ” 
    و اخر ينظر لك بنظرة غريبة  . انت لا تدري ما معنى هذه النظرات او الضحكات الا حين يخبرك اصدقائك في المساء انه يوجد هناك كرت للمواصلات .

    تصل مجهدا بعد  سبع ساعات من المحاولات الى مقر التسجيل في الجامعة .. فتخبرك الموظفة بكل لطف .. تعال غدا . الموظف غادر قبل قليل ..

    و تستيقظ في الصباح مبكرا وتذهب اليه بعد ان تهرع الارض للوصول الى مكتبه . و عندما تقابله . يحدثك بانجليزيته الركيكة .. التسجيل قد انتهى قبل اسبوع . 
    تغلق الدنيا في وجهك . وتحاول ان تشرح له انك من غزة و قد علقت في المعبر ووو الخ .. العرق يتصبب من جبينك ووجهك اصبحت عروقه مليئة بالدماء .. ليخبرك بكل لطف .. كنت امازحك ! 

    ترد الحياة الى روحك مرة اخرى .. و تبدأ تهرع في اجرائات التسجيل . تتم كل خطواتك و تكتشف انك نسيت صورك الشخصية .. وتعود له في الغد مرة اخرى لتتم تسجيلك ..

    على صعيد اخر تذهب لتسجل في معهد اللغة . وتفتش الغرف كلها لتعرف اين يتم التسجيل .. وبعد معاناة تعرف اين .. لا ادري كيف معهد لغة وليست فيه ارشادات للطلبة الجدد .. تجد بعض الارشادات ولكنها بالتركية .. لا ادري كيف سيقرأها طالب جاء ليتعلم اللغة ! .

    من ناحية  اخرى تحاول ان تلتقط صوتا عربيا . حتى لو لم تكن تعرفه . مجرد سماعك لاي احد عربي . يرد الروح الى قلبك .. تلتقي بأصدقائك من الوطن ، تتعرف على اصدقاء تشملهم جنسيات كثيرة سوري و صومالي وسوداني و ليبي وفلسطيني مقدسي و تركي و كردي .

    تتكلم مع شخص بالانجليزية تسألهم عن مكان معين .. بعد لحظات من الحديث يسألك من اين انت .. تقول له من فلسطين .. فيقول لك .. ” يعني بتحكي عربي ” .. يا رجل من زمان تكلم .. لغتنا العربية اجمل بكثير . الانجليزية متعبة ! 

    تعود الى سكنك المليء بالاتراك . تجدهم يحزمون حقائبهم ليقضوا العيد مع اهلهم . يبقى شخص او اثنين في الغرفة .

    الاول يتكلم الانجليزية قليلا .. والثاني لا يعرف من الانجليزية سوى كلمتين قبيحتين .. 
    تحاول ان تتعرف عليهم ان تختلط بهم ..تسعد بحديث الاول يسعفنا مترجم جوجل “السيء” في كثير من الحالات .. و تسعد بعزف الثاني على جيتاره .

    هذه  المحاولة العاشرة للكتابة , لتعلم ان الغربة جميلة  ومتعبة في آن واحد ولكن النتيجة العظيمة تستحق تضحية عظيمة

    هذا قليل من احداث امر بها يوميا عدا عن الاحراجات D:

    يكتبها لنفسه . 
    عبيدة زين الدين

    اسطنبول

     18/10/2013